الإنسان الذي ميزه الله الخالق بالعقل هو نفسه الإنسان الذي يتنازل طواعيه عن أهم ما يميزه لذلك نرى هذا التفاوت الكبير في العقول, التى يمكننا تصنيفها الى ثلاثة أنواع من العقول.
أولاً العقول الصغيرة: هى التى تناقش الاشياء, انها العقول التافهة عقول لا هم لها سوى مناقشة الأشياء, شغلها الشاغل عقد المقارنات بين هذا الثوب وغيره, هذا الشكل وغيره, هذه الموضه وغيرها, انها تمثل قطاع كبير من المجتمع وهذه العقول تشبه إلى حد كبير المجهر الذي يكتفى فقط بتكبير الاشياء الصغيره, إن صاحب هذا العقل مع مرور الوقت لا يتصور ولا يتحمل ان هناك شيء أكبر مما يراه هو.
إنها العقول الصغيره التي ترتبط ارتباطا قويا بالأمنيات, إنها المجهر الذى يكبر الاشياء الصغيره دون النظر إلى الأشياء العظيمة, العقول الصغيرة لها أمنيات والامنيات مذمومة ومن أكتفى بها فهو من ضحايا الشيطان, وللأسف افضل تعامل مع هذه الفئة أن لم تستطيع ان تاخذ بيدها أن تتجاهلها من حياتك, فالتجاهل دواء العقول الصغيرة.
ثانياً العقول المتوسطة: هى التى تناقش الأشخاص, ان أسم العقول المتوسطه لا يوحى بفداحة و خطورة هذا القسم من العقول إنها العقول الممارسة لأخطر الرزائل إنها آكلة لحوم الاموات كما وصفها القرآن الكريم (أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه) الحجرات 12, انها العقول التي تنافس الأشخاص, ما أكثر هؤلاء في حياتنا, و ما أكثر ما يفسدون حياتهم بتدخلهم في دائرة الخوض في أعراض الآخرين, أنهم يمثلون الدائره الكبيره من المجتمع, يبدون رأيهم في أى شخص, إنها شهوه النميمه.
إن خطوره هذه العقول على المجتمع أنها تصبغها بصبغة المجتمع الغير حضارى, وهناك رساله لحسن البصرى يخاطب بها جمهوره قائلاً "إذا وجدت في اخيك عيب فانت أمام ثلاث امور الأول : إن أخبرته بهذا العيب فقد اوغرت صدره الثانى: إن أخفيت هذا العيب عنه فقد خنته الثالث: أذا أخبرت به غيره فقد اغتبته و وقعت في عرضه", صرح الرجل بكلمات موجزه عن حال كل من يقرأ هذه الكلمات ماذا نفعل ؟!؟! لقد اغلقت علينا الباب ان سكتنا فسكوتنا خيانه وإن أخبرنا أحد فهى غيبه وإن حدثناه بفعله تحول إلى ضيق في صدره وحقد علينا فبادر الحسن البصري بقوله "عرض فى مجمل الكلام", نعم انه تعريض بالكلام إنه فن التعرض الذى كان يتقنه سيد الأنام محمد صلى الله عليه وسلم هو من قال بهذا المبدأ فعلاً يسبق القول استخدمه في مراعاه المشاعر أكثر مما استخدمه في علاج الأخطاء, كمثل هذا الرجل الذي اخرج ريحاً ينقض الوضوء تحرج الرجل جعل الرسول صلى الله عليه وسلم ينتقل إلى التعريض حينما رأى أصحابه يأكلون لحوم الإبل وكان هذا الرجل ممن أكل معهم فقال الرسول صلى الله عليه وسلم "من أكل لحم الإبل فليتوضأ", انه التعامل الانسانى الراقى هذا هو المفهوم الرائع لكلمه عرض به فى مجمل الكلام.
ثالثاً العقول الكبيرة: انها العقول التي تناقش الأفكار, إنها العقول التي تقود الأمم إلى الخير, أنها العقول صاحبه الحضارة التى وضعها الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث رائع "الناس كأبل مائه قل إن تجد فيهم راحلة" انها العقول التي تدرس سر وجودها, جاءت الدنيا لتصنع الخير وتسطر تاريخاً وتحى أمه لها اهداف وضعتها في ذهنها وسعت لتحقيقها على أرض الواقع, انها العقول التي تناقش الافكار بغض النظر عن قائلها أو أنها صادرة من فلان او فلان انهم يسيرون على المنهج الرائع الذي وضعه كتاب الله "الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه" الزمر 18, إن صاحب العقل الكبير يناقش الفكره يحللها، يصنفها ، يميزها عن غيرها فينظر في صلاحها ليتبناها ام يتركها أو يعدل فيها.
أميه بن ابى الصلت هذا الشاعر الجاهلي عاش في الطائف وقرأ في الكتب السماوية وكان شعره ملئ بالحكمه حتى ظن انه سيكون نبى أخر الزمان وعندما نزلت الرساله على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أعلن عدائه لهذا الدين وكفر بالرسول و رسالته لقد طبق الرسول صلى الله عليه وسلم معه مبدأ النظر في فكر الشخص وليس الشخص ذاته وصفه بالوصف الذي يعلمنا فيه كيف يكون أصحاب العقول الكبيرة فيما روى عنه صلى الله عليه وسلم "إن كفر اميه بن الصلت فقد آمن شعره".
طحقا العقول مختلفه
ردحذف