غزوه بدر الكبرى
تاريخ الغزوه : السابع عشر من مضان من العام الثانى من الهجره
سبب الغزوه : علم النبى صلى الله عليه وسلم أن عيرا لقريش خرجت من مكه الى الشام وفى عودتها تحمل ألف بعير محمله بالزبيب والتمر والاقط وثروات طائله تقدر بحوالى خمسين الف دينار
فأراد النبى صلى الله عليه وسلم أن يقطع هذه القافله ليصاب المشركون بصدمه إقتصاديه كبيره وإظهارا لعزه الاسلام وقوه المسلمين ، وأنهم لم يستكينوا فى المدينه وإنما بنو دوله الاسلام ، واستعدوا ليستردوا ما سلب منهم فى مكه ، ويرفعوا رآيه الأسلام على دوله الشرك
فأعلن النبى صلى الله عليه وسلم قوله ( هذه عير قريش فيها أموالهم فاخرجوا إليها لعل الله ينفلكموها) أى تكون غنيمه
كان عدد المسلمين ثلاثمائه وثلاثه عشر رجلا وفرسان للزبير والمقداد ، وسبعون بعيرا
وكان عدد المشركين ألف وثلثمائه مقاتل كافر ، ومائه فرس ، قائدهم أبو جهل .
لما علمت قريش أن محمد صلى الله عليه وسلم يريد قطع طريق القافله - إستعدوا لغزو المسلمين فى المدينه وصاح فيهم -ضمضم بن عمرو - مستصرخا وقد جدع أنفه وحول رحله وشق قميصه : يامعشر قريش اللطيمه اللطيمه أموالكم مع أبى سفيان قد عرض لها محمد فى أصحابه الغوث الغوث.
وبعد أن حول أبو سفيان طريق القافله وعاد سالما الى مكه ، وكان داهيه حرب أبت قريش الا الحرب وإظهار القوه ، فقال أبو جهل فى كبريائه واللات لا نرجع حتى نرد بدرا ، فنقيم بها ثلاثا فننحر الجذور، ونطعم الطعام أو، ونسقى الخمر ، وتعزف لنا القيان ( المغنيات) ، وتسمع بنا العرب ، فلا تزال تهابنا
ولما علم المسلمون بإستنفار قريش ، وإستعدادهم لقتال المسلمين نزلت ايات الانفال على رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطرا ورئاء الناس ويصدون عن سبيل الله والله بما تعملون محيط ) الانفال 47
ونزلت الايات كذلك تثبيتا للمسلمين وللرسول الكريم صلى الله عليه وسلم( كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون يجادلونك فى الحق بعدما تبين كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون ( الانفال 4و5)
عقد النبى صلى الله عليه وسلم مجلس الشورى وهو مبدأ إسلامى فقام أبو بكر ، ثم عمر ،ثم قام المقداد بن عمرو ، فقال يارسول الله امض لما أراك الله ، فنحن معك والله ولا نقول لك كما قالت بنو اسرائيل لموسى اذهب أنت وربك فقاتلا انا هاهنا قاعدون ، ولكن اذهب انت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون ، فو الذى بعثك بالحق لو سرت بنا الى برك الغمام لجالدنا معك ، حتى نبلغه فتبسم النبى صلى الله عليه وسلم وحمد الله وقال أشيروا على أيها الناس.
فقام سعد بن معاذ قائد الانصار ، وقال لعلك تريدنا يارسول الله ، فقال النبى صلى الله عليه وسلم أجل ، فقال سعد لقد أمنا بك وصدقناك وشهدنا أن ما جئت به الحق وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة فأمضى لما رأيت فوالذى بعثك بالحق ، لو إستعرضت بنا هذا البحر لخضناه معك ، ما تخلف منا رجل واحد ، وما نكره أن نلقى عدونا غداً، إنا لصبر في الحرب ، صدق في اللقاء ، ولعل الله يريك منا ما تقر به عينك ، فسر بنا على بركه الله فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : ( سيروا وابشروا فإن الله تعالى قد وعدنى إحدى الطائفتين والله لكأنى انظر الآن إلى مضاجع القوم ( الكافرين ) ثم أقبل النبى صلى الله عليه وسلم على الناسة، وقال ( هذه مكه قد ألقت اليكم افلاذ كبدها ) .
وتحرك الرسول صلى الله عليه وسلم ليسبق المشركين إلى ماء بدر ، فقام الحباب ابن المنذر ، فقال يارسول الله ، ارأيت هذا المنزل ، أمنزلا أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدم أو نتأخر أم هى الحرب والرأى والمكيده ، فقال صلى الله عليه وسلم بل هى الحرب والرأى والمكيده ، فقال الحباب ليس هذا بمنزل فانهض بالناس إلى أدنى ماء من بدر فنشرب ولا يشربون
فقال صلى الله عليه وسلم لقد أشرت بالرأى ، وهنا تتجلى عظمه القائد الذي يقبل الشورى ، ويستعين بخبره أصحابه ولذلك أنتصرت دوله الاسلام دائما بهذا المبدأ
، ثم بنى الصحابه للنبي صلى الله عليه وسلم عريشا يقيم فيه ، كمقر القياده و متابعه القتال ، وبدأت التعبئه الشامله الاستعدادات الاخيره للقتال و مشي رسول الله صلى الله عليه وسلم في أرض المعركه وجعل يشير الى مصارع القوم ، هذا مصرع فلان غدا ، و هذا مصرع فلان غدا ان شاء الله ، و كانت ليله هادئه ، ونزل المطر ، كما قال الله تعالى : يغشيكم النعاس أمنه منه وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الاقدام الانفال 11)
ولما كان اللقاء قال الرسول صلى الله عليه وسلم اللهم هذه قريش أقبلت بخيلهاوخيلانها تكذب رسولك اللهم نصرك الذي وعدتنى اللهم أحثهم الغداه ، وبدأ النبي صلى الله عليه وسلم تسويه صفوف القتال ، الميمنه والميسره ، وقد استخلف على المدينه المنوره ابن أم مكتوم من قبل
وبدأت المعركه بالمبارزه ، فخرج من قريش عتبه ، و شيبه بن ربيعه ، والواليد ابن عتبه ، وخرج لهم عبيده بن الحارث ، وحمزه ، وعلى ابن ابي طالب ، من المسلمين فانتصر المسلمون في المبارزه و كانت فاتحه الخير وبعدها نزلت الملائكه بقوله تعالى ( إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أنى ممدكم بالف من الملائكه مردفين الانفال 9 )
وأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بحفز أصحابه بقوله : والذي نفسي بيده لا يقاتلهم اليوم رجل يقتل صابرا محتسبا مقبل غير مدبر إلا أدخله الله الجنة ، ثم قام النبي صلى الله عليه وسلم يقول : سيهزم الجمع ويولون الدبر ( القمر 45)
وينسحب الشيطان من المعركه إني أرى مالا ترون إني أخاف الله والله شديد العقاب
وبدأت جثث المشركين تتهاوى إلى السقوط ، وهذا رأس الكفر فرعون هذه الامه ، ابو جهل يقتله فتيان من المسلمين، ثم تناول ابن مسعود رقبه ابو جهل فقطعها ، و قدمها الى الرسول صلى الله عليه وسلم ، فقال الرسول ، الله اكبر الحمد لله الذي صدقنا وعده ونصر عبده وهزم الاحزاب وحده هذا فرعون هذه الامه
ثم توالت الاسرى من المشركين وكان شهداء المسلمين أربعه عشر
وبعد إنتهاء المعركه تقدم النبي صلى الله عليه وسلم ينادي على القتلى في مضاجعهم ( إنا وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا )
ثم وصل خبر الهزيمه إلى مكه وخبر النصر إلى المدينه ثم عاد النبي صلى الله عليه وسلم غانما منتصرا
وبدأ توزيع الغنائم ، وكاد يدب الخلاف بين الشباب والكبار ، فأنزل الآيات لإصلاح ذات البين ( يسألونك عن الانفال قل الانفال لله والرسول فاتقوا الله و اصلحوا ذات بينكم واطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين الانفال 1)
وكذلك أختلف الرسول صلى الله عليه وسلم مع عمر بن الخطاب في أمر الأسرى هل يقتلون أم تؤخذ منهم الاموال - الفديه- فأشار عمر بقتلهم وأشار الرسول صلى الله عليه وسلم وأبو بكر بأخذ الفديه منهم ونزل القران يؤيد رأى عمر بن الخطاب بقوله ( ما كان النبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الارض تريدون عرض الدنيا والله يريد الاخره والله عزيز حكيم الانفال 67 )
لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما اخذتم عذاب عظيم الانفال 68 )
والكتاب الذي سبق قوله تعالى( فإما منا بعد واما فداء محمد 4 )
وهنا وقبل أن نختم هذه الغزوه نتذكر كيف أنتصرت الفئة القليله والضعيفة والمطارده بقوله تعالى ( كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيره بإذن الله والله مع الصابرين البقره 249 )
وقوله تعالى (واذكروا اذ انتم قليل مستضعفون في الارض تخافون أن يتخطفكم الناس فأواكم وايدكم ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون الانفال 26
جنود الله فى الارض
ردحذفلعلكم تشكرون
ردحذف