القرآن الكريم وخصائصه وأسماؤه
أولا التعريف بالقرآن الكريم :
أ / القرآن في اللغه :
يطلق علي القرآن عند أهل اللغة معان عده منها :
القرآن في الأصل مصدر من قرأ ، بمعنى جمع يقال قرأ ، قرآنا .
قال تعالى : (إن علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه القيامه ١٧)
قال ابن عباس رضي الله عنه : إذا جمعناه وأثبتناه في صدرك فاعمل به ، وخُص بالكتاب المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم فصار له كالعلم
٢/ القرآن علم على كلام الله عز وجل المنزل على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وهو علم مرتجل وليس بمنقول ، فقد سمى القرآن بهذا الاسم من أول الأمر، كما سمى الانجيل انجيلا والتوراه توراه
٣/ القرآن وصف على وزن ( فُعلان ) مهموز مشتق من القرء بمعنى الجمع_ يقال قرأت الماء في الحوض إذا جمعته فيه ، وقد سمى الكلام المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم قرآنا لأنه جمع السور والايات وثمره الكتب السابقه ، قال تعالى ( ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذى بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمه لقوم يؤمنون يوسف ١١١)
٤/ القرآن مشتق من( قرن) وليس( قرأ) يقال : قرنت الشئ بالشئ إذا ضممته إليه، وقد سمى القرآن بذلك القرآن وجمع سوره وآياته بعضها إلى بعض .
٥/ القرآن مشتق من القرائن وهى الدلاله على الهدف ، وسمى القرآن بذلك لأن سوره وآياته يصدق بعضهما بعضا
ب / القرآن في اصطلاح علماء الشريعه
عرف علماء الشريعه الاسلاميه القرآن بتعريفات عده إختلفت في ألفاظها ، ومبانيها ، وأتفقت في معانيها ، وجل تعريفاتهم تفيد أن المقصود بالقرآن: كلام الله تعالى العربي المنزل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم المنقول إلينا بالتواتر المتعبد بتلاوته المتحدى بأقصر سوره منه، المكتوب في المصاحف المبدوء بسوره الفاتحه ، المختوم بسوره الناس .
فقد جمع هذا التعريف المقاصد الكبرى التي إمتاز بها القرآن .
ثانيا : خصائص القرآن الكريم
لقد إمتاز القرآن بخصائص عده شملها التعريف السابق فمنها :
١/ كون القرآن لفظ من عند الله
فالقرآن هو ما أنزل على رسول الله محمد ،لفظا ومعنى ، علمه إياه جبريل عليه السلام فقال تعالى ( إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا _' الانسان 23 ) فالقرآن لفظه ومعناه من عند الله.
أما ما أوحاه الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم من المعاني ، وعبر عنها الرسول صلى الله عليه وسلم بألفاظ من عنده ، فلا تسمى قرأنا بل تسمى حديثا نبويا فلا تأخذ حكم القرآن وكذلك الاحاديث القدسيه لا تسمى قرآن ولا تأخذ حكمه
٢/ كونه بلغه العرب
أنزل الله القرآن بلغه العرب قال تعالى (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم_ ابراهيم4 ) وقال تعالى( بلسان عربي مبين_ الشعراء 195) فلا خلاف أنه ليس في القرآن كلام مركب على غير أساليب العرب ، وأن فيه أسماء أعلام عن لسانه غير لسان العرب ، كإسرائيل ونوح ولوط
ولكن اختلفوا : هل في القرآن الفاظ غير اعلام مفرده من غير كلام العرب ، فذهب بعض العلماء الى أنه لا يوجد ذلك فيه ، وهو رأى القاضى و أبي عبيده والشافعى ويستدلون برأيهم هذا بدليلين
الاول : قول الله تعالى( ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي فصلت 44 )
وجه الدلاله : أنه لو كان في القرآن الكريم كلمات غير الاعلام المفرده من غير كلام العرب لم يكن عربيا خالصا
الثانى : إن شاءالله الله تحدي العرب أن يأتوا بسوره من مثله ، ولا يتحداهم بما ليس من لسانهم ولا يحسنونه
وذهب فريق من العلماء الى أن في القرآن كلمات ليست من لغه العرب ودليلهم وجود هذه الكلمات فيه ، ومن أمثلتها المشكاه وهي كلمه هنديه واستبرق وهى كلمه فارسيه
كما قالوا بأن وجود مثل هذه الكلمات غير العربيه في القرآن لا يقدح في عربيته ، ولا يخرجه عن كونه عربيا ، ذلك أنها قليله جدا فلا تخل بعربيه القرآن فإن الشعر الفارسي يسمى فارسيا و إن كان فيه آحاد كلمات عربيه
٢/ كونه منزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
يختص القرآن بكونه ما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم أما ما أنزل على غيره من الأنبياء فليس قرآنا قطعيا
٤/ القرآن نقل الينا بالتوتر :
ومعناه يتلقاه ( القرآن) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع غفير من الصحابه يستحيل عاده اتفاقهم على الكذب ، ثم ينقله عن الصحابه جمع بنفس هذا الوصف ، وهكذا حتى يصل إلينا كما نطق به المصطفى صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تبديل ولا نقص ولا زياده
٥/ القران متعبد بتلاوته
من خصائص القرآن الكريم أنه متعبد بتلاوته بمعنى أن قراءته عباده يثاب عليها من الله سبحانه وتعالى ، لذا يستحب تلاوه القرآن والإكثار منها قال تعالى ( إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاه و أنفقوا مما رزقناهم سرا و علانيه يرجون تجاره لم تبور فاطر 29 )
٦/ كون القرآن معجزا
القرآن هو كلام الله المعجز المتحدي بإعجازه ومعنى الإعجاز : إرتقاؤه في البلاغه إلى حد خارج عن طوق البشر ، ولا خلاف بين العلماء على أن كتاب الله معجز ، لأن العرب عجزوا عن معارضته والاتيان بمثله
فالقرآن هو المعجزه الكبرى والحجه البالغه الباقيه التي تحدي الله بها العرب، بل الانس والجن على أن يأتوا اشياء من مثله فعجزوا ، مع أن العرب كانوا أهل فصاحه وبلاغه وبيان .
اسلوب القرآن الكريم في الطلب و التخيير:
جري جمهور الفقهاء تقسيم الاحكام التكليفيه إلى خمسه ، المندوب ،والحرام، والمكروه ، والمباح هو الواجب والمندوب مطلوب فعله والحرام والمكرونه مطلوب تركه و المباح يخير الانسان بين فعله وتركه
و القرآن الكريم الذي هو مصدر التشريع الأول لا يعبر عن كل ما هو واجب بلفظ الوجوب ، كما لم يعبر عن المحرم بلفظ الحرام وفقط ، بل له في ذلك أساليب متنوعه إقتضتها بلاغته ، ليكون مشوقا وباعثا على القبول وحب الامثال
فتراه يسوق الأحكام مقرونه بالتبشير أو الانذار أو يورد الصيغه داله علي رضي الله تعالى عن الفعل ، أو سخطه على الفاعل ، أو ومقرونه بالوعد أو الوعيد الي غير ذلك من الاساليب
فالمطلوب فعله إن اقترنت صيغته بما يؤكد هذا الطلب ، أو يفيد تحتمه أو كانت هذه الصيغه تفيد بحسب استعمالها العربى ذلك التحتم كان المطلوب واجبا وإلا فهو المندوب
أما الصيغ الداله على النهى ، عن الفعل فإن اقترنت بالوعيد الشديد بما يؤكد المنع ، أو كانت بحسب استعمالها تقتضي ذلك فهذا الفعل المنهى عنه هو المحرم وإلا كان مكروها
أما المباح فهو ما خير الشارع بين فعله وتركه ، أو بين أنه مباح أو حلال أو مشروع وسوف أذكر بعض الأساليب الواردة في القرآن الكريم للدلاله على طلب الفعل أو الترك أو التخير
أولا اساليب القران في طلب الفعل :
وردت في القرآن الكريم أساليب كثيره للدلاله على طلب الفعل ، ومن هذه الاساليب
١/ صريح الأمر ج كما في قوله تعالى ( ان الله يامركم ان تؤدوا الامانات الى اهلها واذا حكمتم بين الناس ان تحكموا بالعدل_ النساء 58 )
٢/ فعل الامر أو المضارع المقرون باللام ومثال فعل الامر (وأقيموا الصلاه واتوا الزكاه البقره 43 )
مثال الفعل المضارع المقترن باللام ، قوله تعالى ( ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق الحج 29)
٣/ الاخبار بأن الفعل مكتوب أو مفروض ومثال ذلك قوله تعالى( إن الصلاه كانت على المؤمنين كتابا موقوتا النساء ١٠٣ ) و قوله تعالى (كتب عليكم الصيام البقره 183) و قوله تعالى (قد علمنا ما فرضنا عليهم في أ زوجم الاحزاب ٥٠ )
٤/ الاخبار عن الفعل بأنه خير أو بر أو موصل للبر مثل ذلك قوله تعالى (يسالونك عن اليتامى قل اصلاح لهم خير البقره 220) و قوله (ولكن البر من اتقى البقره 189م) و قوله تعالى ( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ال عمران ٩٢)
٥/ وقوع الفعل جزاء للشرط :
ومنه قوله تعالى( فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي البقره 196)
ثانيا اسلوب القران في طلب الكاف عن الفعل :
عبر القرآن الكريم عن طلب ترك الفعل والكف عنه بأساليب كثيره منها :
١/ صريح النهى أو التحريم :
ومثال قوله تعالى (وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي النحل 90) وقوله تعالى (حرمت عليكم الميته والدم ولحم الخنزير المائده ٣)
٢/ صيغه النهى أو الامر بالترك:
ومنه قوله تعالى : (ولا تقتلوا النفس التي حرم الله الا بالحق الاسراء 33 )قوله تعالى (وذرو ظاهر الاثم وباطنه الانعام 120) وقوله تعالى( ودع اذاهم الأحزاب ٤٨ )
٣/ الاخبار بأن الفعل شر أو ليس من البر
ومثال ذلك قوله تعالى( ولا يحسبن الذبن يبخلون بما آتاهم الله من فضله بل هو شر لهم ال عمران ١٨٠ )وقوله تعالى( وليس البر بأن تاتوا البيوت من ظهورها البقره ١٨٩)
٤/ ذكر الفعل مقرونا بالوعيد أو استحقاق الاثم :
ومثال ذلك قوله تعالى( ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه واعد له عذابا عظيما النساء ٩٣) وقوله تعالى( فإنما اثمه على الذين يبدلونه البقره ١٨١ )
٥/ نفى الحل :
ومنه قوله تعالى( لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها النساء ١٩)
ثالثا اسلوب القران في التخير (الاباحه)
عبر القرآن الكريم عن الفعل المباح بعده أساليب منها :
١/ لفظ الحل : ومثال ذلك قوله تعالى أحلت لكم بهيمه الانعام المائده ١ ) وقوله تعالى (اليوم احل لكم الطيبات المائده ٥ )
٢/ نفى الاثم أو الحرج أو الجناح ومثال ذلك قوله تعالى (فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا اثم عليه البقره 173م+ و قوله تعالى( ليس على الاعمى حرج ولا على الاعرج حرج ولا على المريض حرج ولا على انفسكم أن تأكلوا من بيوتكم_ النور 61) و قوله تعالى (ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن النور 58)
تعليقات
إرسال تعليق